عبد الناصر حوشان
أرسل النظام السوري بعثة قنصليّة للعمل في سفارته في المملكة العربيّة السعودية بناءًا على اتفاق سابق بينه وبين حكومة المملكة يقضي بإعادة العمل للبعثات القنصليّة في كِلا البلدين، وقد أثار وصول بعثة النظام الى المملكة العربيّة السعوديّة لغطاً وخلطاً حول مستوى التمثيل الدبلوماسي بين المملكة وبين نظام أسد المجرم.
الأمر الذي يقتضي التعريف بالعلاقات الدبلوماسيّة ومستوياتها والفرق بين تبادل السفراء وبين تعيين القناصل ومهام كل منهم.
كما أثار قرار الإدارة الأمريكيّة بتغيير اسم سفارتها في دمشق إلى سفارة الولايات المتحدة في سورية، والذي فسّره الكثيرون على أنّه تمهيد لنقل السفارة إلى إحدى المدن الخارجة عن سيطرة النظام، مع العلم بأنّ السفارة الأمريكية في سورية، وبعد قرار النظام السوري طرد السفير الأمريكي من دمشق علّقت أعمالها في شباط 2012، ولا يمكنها توفير الخدمات القنصلية الاعتيادية، وأحدثت مكتب لرعاية المصالح الأمريكية في السفارة التشيكية.
المرجع القانوني الناظم للعلاقات الدبلوماسيّة والعلاقات القنصليّة يُنظِّم أحكام التمثيل الدبلوماسي اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1961، بينما اتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية لسنة 1961 أحكام العلاقات القنصليّة بين الدول.
تعريف البعثة الدبلوماسيّة:
هي مجموعة من الممثلين الدبلوماسيين ترسلهم دولة ذات سيادة أو إحدى المنظمات الدولية أو الإقليمية، بغرض تمثيلها لدى دولة أخرى، وفي الغالب ما يشير هذا المصطلح إلى البعثة المقيمة، والتي تشغل سفارات أو قنصليات الدولة في غيرها من الدول.
وينقسم التمثيل الدبلوماسي بشكل عام إلى تمثيل دبلوماسي إيجابي، وهو قيام دولة ذات سيادة بإيفاد وقبول بعثات دبلوماسية من وإلى غيرها من الدول، وتمثيل دبلوماسي سلبي وفيه تقبل الدولة منقوصة السيادة بعثات دبلوماسية من غيرها من الدول، دون أن يكون لها الحق في إيفاد بعثات إلى الخارج.
تعريف البعثة القنصليّة:
تعرف بالقنصلية العامة وهي بعثة دبلوماسية تقع في مدينة رئيسية. عادة ما تكون العاصمة، والتي تقدم مجموعة كاملة من الخدمات القنصلية على خلاف ’’القنصلية‘‘ الفرعيّة التي تكون قد تكون متعدّدة وموزعة على أكثر من مدينة لكّنها تتبع القنصليّة العامة.
وظائف البعثة الدبلوماسية:
تمثيل الدولة المعتمدة لدى الدولة المعتمد لديها.
حماية مصالح الدولة المعتمدة وكذلك مصالح رعاياها لدى الدولة المعتمد لديها في الحدود المقررة في القانون الدولي.
التفاوض مع حكومة الدولة المعتمد لديها.
التعرف بكل الوسائل المشروعة على ظروف وتطور الأحداث في الدولة المعتمد لديها وعمل التقارير عن ذلك لحكومة الدول المعتمدة.
تهيئة علاقات الصداقة وتنمية العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها.
لا يفسر أي نص من نصوص هذه الاتفاقية بأنه يحرم البعثة الدبلوماسية من مباشرة الأعمال القنصلية.
شرط الحصول على موافقة الدولة المعتمد لديها : نصّت المادة 4 منها على أنّه :يجب على الدولة المعتمدة أن تتأكد من الحصول على موافقة الدولة المعتمد لديها قبل أن تعتمد مرشحها رئيسا لبعثتها لدى الدولة الثانية، وليست الدولة المعتمد لديها مضطرة لأن تذكر للدولة المعتمد أسباب رفضها قبول الممثل المقترح.
نقل السفارة او البعثة الدبلوماسيّة : إن نقل السفارة خارج المقرّ الرئيسي مشروط أيضاُ بموافقة الدولة المعتمد لديها حسب المادة ’’12‘‘ من الاتفاقيّة التي تنصّ على : ليس للدولة المعتمدة -بدون الحصول مقدما على موافقة الدولة المعتمد لديها- أن تنشئ مكاتب تابعة لبعثتها في نواحٍ أخرى غير التي توجد فيها البعثة.
انتهاء مهمة الممثل الدبلوماسي : تنتهي مهمة الممثل الدبلوماسي وفقاُ للمادة ’’ 43‘‘ من الاتفاقيّة كما يلي: إذا ما أخطرت الدول المعتمدة الدولة المعتمد لديها بإنهاء أعمال الممثل الدبلوماسي. أو إذا ما أخطرت الدولة المعتمد لديها الدولة المعتمدة بأنها ترفض الاعتراف بالممثل الدبلوماسي كعضو في البعثة.
وظائف البعثات القنصلية :
حماية مصالح الدولة الموفدة ومصالح رعاياها ’’الأشخاص الطبيعيين والمعنويين‘‘ في الدولة المضيفة وذلك بالحدود التي يسمح بها القانون الدولي.
تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية بين الدولتين الموفدة والمضيفة وتعزيز العلاقات الودية بينهما بكل وسيلة أخرى في إطار أحكام هذه الاتفاقية.
التعرف بكل الوسائل المشروعة إلى الأحوال التجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية وتطورها في الدولة المضيفة ووضع التقارير عن هذا الموضوع لحكومة الدولة الموفدة وتزويد أصحاب المصالح بالمعلومات.
منح الجوازات ووثائق السفر لرعايا الدولة الموفدة وكذلك السمات والمستندات اللازمة للأشخاص الذين يودون التوجه إلى الدولة الموفدة.
تقديم المساعدة والإعانة إلى رعايا الدولة الموفدة سواء أ كانوا أشخاصا طبيعيين أم معنويين.
القيام بأعمال الكاتب العدل والمسجل المدني وممارسة الوظائف المشابهة وكذلك القيام ببعض الأعمال ذات الطبيعة الإدارية، شرط ألا يكون في قوانين الدولة المضيفة وأنظمتها ما يمنع ذلك.
حماية مصالح رعايا الدولة الموفدة ’’الأشخاص الطبيعيين والمعنويين‘‘ في قضايا التركات في إقليم الدولة المضيفة وفقا لقوانين هذه الأخيرة وأنظمتها.
حماية مصالح الرعايا القاصرين أو ناقصي الأهلية من رعايا الدولة الموفدة خصوصا عندما تكون الوصاية أو الولاية مطلوبة، وذلك في حدود قوانين الدولة المضيفة وأنظمتها.
القيام، مع مراعاة قواعد التعامل والإجراءات المتبعة في الدولة المضيفة، بتمثيل رعايا الدولة الموفدة، أو اتخاذ القرارات لتأمين تمثيلهم المناسب أمام المحاكم أو السلطات الأخرى في الدولة المضيفة، من أجل الحصول ، وفقا لقوانين الدولة المضيفة وأنظمتها، على إجراءات موقتة للمحافظة على حقوقهم ومصالحهم، عندما لا يكون بإمكانهم، بسبب تغيبهم أو لأي سبب آخر، الدفاع في الوقت المناسب عن حقوقهم ومصالحهم.
تحويل المستندات العدلية وغير العدلية أو تنفيذ الاستنابات وتكاليف أخذ الشهادة نيابة عن محاكم الدولة الموفدة وفقا للاتفاقات الدولية المرعية الإجراء، وفى حال عدم وجودها، بأية طريقة تتلاءم مع قوانين الدولة المضيفة وأنظمتها.
ممارسة حقوق الرقابة والتفتيش التي تنص عليها قوانين الدولة الموفدة وأنظمتها بالنسبة إلى السفن البحرية والنهرية التي تحمل جنسية هذه الدولة والطائرات المسجلة فيها، وبالنسبة إلى ملاحيها.
تقديم المساعدة إلى السفن والطائرات المذكورة في الفقرة السابقة من هذه المادة وإلى ملاحيها، وتلقي التصاريح حول سير هذه السفن والتدقيق في أوراقها وختمها خلال الرحلة، دون المساس بصلاحيات سلطات الدولة المضيفة، وفض المنازعات بمختلف أنواعها بين الربان والضباط والبحارة في حدود ما تسمح به قوانين الدولة الموفدة وأنظمتها.
ممارسة كل الوظائف الأخرى التي تعهد بها الدولة الموفدة إلى البعثة القنصلية، ولا تكون مخالفة لقوانين الدولة المضيفة وأنظمتها أو لا تعترض عليها هذه الدولة، أو تكون واردة في الاتفاقات الدولية المرعية الإجراء بين الدولتين الموفدة والمضيفة.
جواز قيام الموظفين القنصليين بالأعمال الدبلوماسية: عندما لا يكون للدولة الموفدة بعثة دبلوماسية لدى الدولة المضيفة وعندما لا تكون ممثلة لديها بواسطة بعثة دبلوماسية لدولة ثالثة فإن بإمكان الموظف القنصلي، بموافقة الدولة المضيفة، ودون أن يؤثر ذلك في وضعه القنصلي، القيام بالأعمال الدبلوماسية. والقيام بمثل هذه الأعمال من قبل موظف قنصلي لا يمنحه أي حق في الامتيازات والحصانات الدبلوماسية، كما يُمكِنه تمثيل الدولة الموفدة لدى أي منظمة دولية ويحق له عندما يتصرف بهذه الصفة، التمتع بالامتيازات والحصانات التي يمنحها القانون الدولي العرفي والاتفاقات الدولية لممثل لدى منظمة دولية. ومع ذلك وبالنسبة إلى كل وظيفة قنصلية يمارسها، فليس له حق في حصانة قضائية أوسع من تلك التي يتمتع بها موظف قنصلي وفقًا لهذه الاتفاقية.
حماية الدور القنصلية والمحفوظات ومصالح الدولة الموفدة في الظروف الاستثنائية:
• في حالة حدوث قطع للعلاقات القنصلية بين دولتين:
على الدولة المضيفة، حتى في حالة النزاع المسلح، أن تحترم وتحمي الدور القنصلية وممتلكات البعثة ومحفوظاتها القنصلية.
يمكن للدولة الموفدة أن تعهد برعاية الدور القنصلية مع ما فيها من ممتلكات، وبالمحفوظات القنصلية، إلى دولة ثالثة مقبولة للدولة المضيفة.
يمكن للدولة الموفدة أن تعهد بحماية مصالحها ومصالح مواطنيها إلى دولة ثالثة مقبولة للدولة المضيفة.
• في حالة حدوث إغلاق مؤقت أو دائم للبعثة القنصلية في حالة النزاع المسلح على الدولة المضيفة ان تحترم وتحمي الدور القنصلية وممتلكات البعثة ومحفوظاتها القنصلية إضافة إلى ما يلي:
• في حال إغلاق القنصليّات :
إذا كان للدولة الموفدة على الرغم من عدم تمثيلها في الدولة المضيفة ببعثة دبلوماسية، بعثة قنصلية أخرى في أراضي تلك الدولة، يمكن أن يعهد إلى تلك البعثة برعاية الدور القنصلية التي تم إغلاقها مع ما فيها من ممتلكات، وبالمحفوظات القنصلية. ويمكن أن يعهد إليها بموافقة الدولة المضيفة القيام بالوظائف القنصلية في المنطقة القنصلية للبعثة المغلقة.
• إذا لم يمكن للدولة الموفدة بعثة دبلوماسية أو بعثة قنصلية أخرى في الدولة المضيفة يمكن أن تعهد بحراسة دار البعثة واموالها ومحفوظاتها القنصلية مصالحها ومصالح رعاياها الى دولة ثالثة تقبل بها الدولة المضيفة.
• وبناءًا على ما سبق يمكننا القول بأن العلاقات الدبلوماسيّة والقنصليّة مرهونة بوجود اتفاقيّات ثنائيّة بين الدول وأن قبول هذه البعثات مرهون بموافقة الدولة المعتمد لديها ، وان نقل او فتح قنصليّات فرعيّة أو نقلها أو نقل مقرّ السفارات أيضاً مرهون بموافقتها وعليه فإن:
الحديث عن نقل السفارة الامريكيّة في سوريّة خارج مدينة دمشق في غير محلّه القانوني لمخالفته أحكام المواد ’’ 4 و12 و 43 ‘‘ من اتفاقيّة فيينا للعلاقات الدبلوماسية لسنة 1960 باعتبار أن العلاقات الدبلوماسيّة بينهما مقطوعة ولا يوجد أي تمثيل دبلوماسي متبادل فيما بينهما.
وباعتبار أن كل ما يتعلّق بتطبيق هذه الاتفاقيّة يقوم على وجوب الحصول على موافقة الدولة المعتمد لديها وهذا الامر غير متوفِّر حالياً بسبب قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما وطرد نظام أسد السفير الأمريكي من دمشق في سنة 2012.
وإن مستوى التمثيل الدبلوماسي بين المملكة العربيّة السوريّة لم يعُد إلى ما كان عليه قبل قطع العلاقات و إنّما اقتصرت على إعادة تفعيل عمل البعثتين القنصليتين بينهما و التي تقتصر مهامها على القيام بالوظائف القنصليّة المذكورة أعلاه و التي حدّدتها اتفاقيّة فيينا العلاقات القنصليّة لسنة 1961 بما يُحقّق معالجة الإشكاليات القانونيّة التي تعترض السوريين المقيمين في المملكة بالإضافة لمعالجة الإشكاليات القانونيّة التي تعترض السعوديّين المقيم في سورية لا سيما مشاكل تسجيل وثائق الأحوال الشخصيّة من زواج وطلاق وولادات ووفيّات ونسب وميراث بالإضافة لمشاكل وثائق السفر.
كما أعتقد أن المملكة العربيّة السعودية لن تطوّر هذه العلاقات وإعادة تفعيل العلاقات الدبلوماسيّة بعد طرح مشروع القانون الأمريكي الخاص بمنع التطبيع مع النظام السوري للتصويت أمام الكونغرس و ثبوت تعنّت النظام و عدم استجابته للمبادرات العربيّة للحلّ في سوريّة و إصراره على إغراق البلاد العربيّة بالمخدرات ، وتماديه في التخلّي عن مقدرات سورية للنظام الإيراني وتعزيز غزوه للأراضي السوريّة ومنح الميليشيات التابعة له الحصانة من الملاحقة وزيادة عليها قيامه بتجنيس أفراد هذه الميليشيات عبر منحهم الجنسيّة السوريّة.
المصدر: رسالة بوست