الطريق
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً مطولاً عن الهجوم الكيميائي بغاز السارين على الغوطة بريف دمشق يوم 21 آب / أغسطس 2013، مستعيداً المشاهد البشعة لمقتل مئات الأطفال، ورد فعل المجتمع الدولي، وعدم إنصاف الضحايا حتى بعد مرور 10 سنوات على تلك الجريمة التاريخية.
وجاء في التقرير الذي نُشره بمناسبة مرور 10 سنوات على الهجوم، أن عدد القتلى كان أكثر من 1400 شخص، مضيفاً أن جبل الأدلة على تورط حكومة النظام السوري لا يزال مستمراً في النمو.
وقال أحد الشهود إنه رأى المشهد الأكثر رعباً في حياته، حيث رأى رجالاً ونساء وأطفالاً يسقطون ويموتون خارج المستشفى وأمامه مباشرة، "كان المشهد مثل يوم القيامة".
وأوضح التقرير أن الهجوم بغاز السارين على المدنيين في الغوطة قد يكون أكثر الفظائع توثيقا في التاريخ، ومع ذلك، وبعد عقد من الزمان، أصبحت هذه الجريمة كأنها من الجرائم التي لا يُعاقب عليها، إذ لم تتم مساءلة تُذكَر.
وسافر فريق عينته الأمم المتحدة إلى الأحياء المتضررة في غضون أيام لإجراء مقابلات مع الناجين وجمع عينات بيولوجية وشظايا الصواريخ التي لا يزال بعضها يحتوي على غاز السارين السائل، وهو غاز الأعصاب القاتل الذي أُطلق في 3 أحياء تسيطر عليها المعارضة السورية في تلك الليلة.
وقال التقرير إن الهجوم على الغوطة هو ثاني أعنف استخدام للأسلحة الكيميائية ضد المدنيين في كل العصور، ولم يتجاوزه سوى التسميم الجماعي للأكراد شمالي العراق عام 1988.
وأسباب تأخر العدالة معقدة -حسبما يوضح التقرير- فالخبراء يلقون باللوم بشكل أساسي على روسيا، أهم حليف لسوريا لاستخدامها حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ،وموقفها المؤثر في الوكالات الدولية لمنع التحقيقات الرسمية في الهجوم بالطريقة نفسها التي أعاقت بها موسكو التحقيقات الدولية في جرائم حرب مزعومة ارتكبها جنود روس في أوكرانيا.
لكن الولايات المتحدة ودولاً غربية أخرى تعرضت أيضاً لانتقادات شديدة بسبب عدم التصرف بشكل حاسم عندما وجدت سوريا طريقة لمواصلة استخدام الأسلحة الكيميائية بالتحول من غاز الأعصاب المحظور (مثل السارين) إلى غاز الكلور العادي، الذي لا يزال مميتاً.
وفي السنوات التي تلت تلك الجريمة، عززت التحقيقات اللاحقة قضية الأدلة التي تشير إلى نظام الأسد.
وعام 2017، مكنت طرق الاختبار المحسنة فريقاً مشاركاً بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية من ربط مخزون حكومة الأسد -آنذاك- من السارين بغاز الأعصاب المستخدم في الهجمات على المدنيين. ولا تحتوي العينات على المكونات نفسها فحسب، بل تحتوي أيضاً على تركيبة جزيئية متطابقة.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما قد امتنعت عن توجيه ضربة عسكرية أميركية بسبب خرق الخط الأحمر الذي هدد به.
وأوقفت خطة لمهاجمة النظام
في البداية بسبب وجود فريق التفتيش التابع للأمم المتحدة على الأرض، ثم انهار بالكامل بعد أن رفض المشرعون من الحزبين بأغلبية ساحقة التشريع الذي يجيز الضربة.
ووافق أوباما بدلا من ذلك على اتفاق روسي تؤجل فيه الولايات المتحدة العمل العسكري، إذا وافقت النظام على الانضمام إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية وتدمير مخزونها بالكامل من جانب واحد، تحت إشراف دولي.
ورغم كل الصعاب، فإن خطة نزع السلاح نجحت في الغالب. فعلى مدى 9 أشهر، أشرفت فرق من الخبراء الدوليين على إزالة أو تدمير جميع الأسلحة الكيميائية السورية تقريبا، إذ "خلص مسؤولو المخابرات الأميركية لاحقا إلى أن جزءاً صغيراً من المخزون الأصلي تم إخفاؤه بعيداً، واستخدم البعض منه في هجوم بغاز السارين بعد سنوات في نيسان 2017.
كما أشرف الخبراء على التدمير المادي للمختبرات ومعدات الإنتاج لصنع مزيد من السارين.
ولم يمتنع نظام الأسد، بعد ذلك من استخدام أسلحة كيميائية أقل من السارين في هجمات ضد المعارضين والمدنيين.
وتقول جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان إن هناك 300 هجوم بالأسلحة الكيميائية منذ عام 2013، معظمها يتعلق بالكلور، وهو مادة كيميائية شائعة تستخدم في تنقية المياه وتمتلكها سوريا بشكل قانوني. في حين أن الكلور أقل فتكا بكثير، إلا أن استخدامه سلاحاً محظورٌ بموجب القانون الدولي. ومع ذلك، فإن سوريا فعلت ذلك عشرات المرات، مع احتجاج دولي ضئيل.