الشأن السوري

محليات

حماة...ارتفاع إيجارات المنازل يجبر الأهالي على البقاء بين الجدران المتصدعة

الجمعة, 24 فبراير - 2023
austin_tice

تواصل معنا

+961 3 733 933

friendsofaustintice@gmail.com

الطريق- أحمد عبد الرحمن 


بعد جولة مطولة من البحث على منزل للإيجار بسعر يتناسب مع دخله الشهري دامت لأسبوعين متتاليين، قرر رامي حلبيه ( 38 عاماً ) أن يعود إلى بيته الذي تصدعت جدرانه بشكل كبير بسبب الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا فجر السادس من شباط / فبراير الجاري، على الرغم من الإنذار الذي وضعته البلدية بضرورة إخلاء المبنى وعدم الاقتراب منه لأنه آيل للسقوط على المدى القريب أو البعيد. 

"من لحظة وقوع الزلزال ونحنا نتنقل من مكان لمكان" يقول رامي المقيم في حي التعاونيه بحماة لـ "الطريق"، ويذكر أنه عاش أياماً صعبة برفقة عائلته المؤلفة من أربعة أفراد، حيث كان يتنقل بين أقربائه ومعارفه للمبيت معهم ريثما يستطيع تأمين مسكن عوضاً عن منزله المتضرر، إلا أنه اضطر قبل يومين للعودة إلى بيته بعد أن فقد الأمل بالعثور على مأوى، بسبب ارتفاع الإيجارات إلى معدلات جنونية ضمن أحياء المدينة حتى الشعبية منها، لافتاً إلى أنه كان يدفع إيجاراً شهرياً قدره 150 ألف ليرة سورية، لكن بعد حادثة الزلزال ارتفعت أسعار المنازل الصغيرة المؤلفة من غرفة وصالة إلى ما يقل عن 300 ألف؛ بسبب استغلال أصحاب العقارات للكارثة التي ازداد على إثرها الطلب تزامناً مع قلة العرض. 

وشهدت عشرات العقارات السكنية ضمن أحياء مدينة حماة، خلال الأيام الماضية على خلفية الزلزال الذي ضرب مناطق عدة في سوريا في الأسبوع الأول من شباط الحالي، عمليات إخلاء كلي من قبل السكان بعد توجيه إنذار من مجلس المدينة يفيد بضرورة ذلك، نتيجة تعرض الجدران والأسقف للتصدع، الأمر الذي قد يشكل خطراً على حياة مئات المدنيين المقيمين فيها، يأتي ذلك تزامناً مع تفاقم الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار المتطلبات اليومية، ناهيك عن الإيجارات التي ارتفعت إلى 150 بالمئة، وتسببت بتشريد عشرات العوائل المتضررة لعدم قدرتهم على تأمينها. 

وكشف أحد أصحاب المكاتب العقارية العاملة في حماة "فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب خاصة" خلال حديثه مع "الطريق"، أن الجمعيات الخيرية التي تتلقى دعماً خارجياً ويديرها أشخاص مقربون من النظام السوري وعلى صلة مباشرة معه، هي السبب الرئيسي بارتفاع بدل إيجارات المنازل، إذ عملت بعد كارثة الزلزال على استئجار المنازل والشقق السكنية السليمة لمدة سنة كاملة مقابل مبالغ مالية مفتوحة يحددها صاحب العقار. 

وأوضح المصدر، أن معظم العائلات المتضررة والتي تحتاج إلى مأوى عاجل لم تتمكن من الحصول على منزل من مشاريع الاستجابة الطارئة التي تعمل عليها تلك الجمعيات، وأن أغلب المستفيدين في السكن المجاني هم عوائل قام مجلس المدينة بتحديدهم متناسياً الأكثر تضرراً وحاجة، ودون أخذ المعايير الإنسانية بعين الاعتبار. 

ووصلت إيجارات المنازل في الأحياء الشعبية كالقصور والحميدية وجنوب الملعب وغرب المشتل إلى نصف مليون ليرة سورية، بينما تجاوزت المليون ليرة في أحياء البعث والشريعة والبرناوي، الأمر الذي أجبر عدداً كبيراً من العائلات على الرجوع إلى منازلهم المتضررة رغم الخطر الذي يحدق حولهم، وفق صاحب المكتب. 

وعقب حدوث الزلزال في حماة، لم يقتصر الأمر على ارتفاع بدل إيجار المنازل فقط، بل اضطر بعض السكان لدفع مبلغ مالي قدره 25 ألف ليرة سورية مقابل المبيت ليلة واحدة داخل الخيام الكبيرة "تستخدم عادة للعزاء" التي وضعت في الشوارع لإيواء المدنيين الفارين من منازلهم نتيجة الهزات الارتدادية المستمرة حتى اليوم لكن بوتيرة أخف، وهذا ما أكدته السيدة رقية ياسين (48 عاماً) لـ "الطريق" حيث فوجئت حين طلب منها أحد الأشخاص الواقفين قرب باب الخيمة مبلغاً قدره 25 ألف ليرة سورية مقابل الدخول برفقة من معها من أولاد للمبيت داخلها حتى الصباح، لافتة إلى أنها دفعت المبلغ المطلوب؛ لأن الأجواء كانت باردة جداً حينها وكانوا بحاجة لأي مأوى مؤقت يحتضنهم من شدة البرد. 

يذكر أن الزلزال الذي ضرب فجر السادس من شباط وكان تأثيره الكبير على مناطق شمال غرب البلاد، قد تسبب بمقتل أكثر من 50 مدنياً وإصابة حوالي 175 شخصاً آخرين بجروح وكسور متفاوتة، فضلاً عن تدمير العديد من المباني الطابقية والأرضية، وتصدع حوالي 2000 منزل في مدينة حماة، وفق ما أفادت مصادر لـ"الطريق".