الطريق
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً بعنوان "الفيتو الروسي لمنع دخول المساعدات الأممية العابرة للحدود غير قانوني ويهدف لنهب المساعدات الأممية"، وأكدت فيه على ضرورة إنهاء الابتزاز الروسي للمساعدات الأممية.
وجاء في التقرير الذي نُشر في 11 صفحة، أنّ سوريا ما تزال تحوي أكبر عدد من النازحين داخلياً في العالم، بـ 6.8 مليون شخصٍ، وأوضح أنه في عام 2023 سيكون هناك 15.3 مليون شخصٍ بحاجة إلى المساعدة الإنسانية، وهي أعلى حصيلة تم تسجيلها منذ بداية النزاع، بما في ذلك 2.1 مليون نازحٍ يعيشون في مخيمات للنازحين داخلياً، وفق إحصائيات مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
ونقل التقرير عن مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني قوله، إن سكان شمال غربي سوريا يعتمدون على المساعدات الأممية العابرة للحدود بشكل جوهري، تستغل روسيا ظروفهم القاسية لتتخذ منهم رهائن، وتبتز المجتمع الدولي للحصول على مكاسب مادية وسياسية، وقد أكدنا منذ سنوات أنه يجب على المجتمع الدولي التخلص من الابتزاز الروسي للأبد، واتخاذ خطوة إدخال المساعدات الأممية الحيادية والضرورية دون الحاجة لإذن من مجلس الأمن.
وأوضح التقرير أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من أوائل الجهات التي أكدت أن إدخال المساعدات الأممية العابرة للحدود في سوريا ليس بحاجة إلى إذن من مجلس الأمن، وذلك عبر الفعاليات الدولية ووسائل الإعلام، كما أصدرت ثلاثة تقارير أكدت فيها على أن دخول المساعدات الأممية عبر الحدود هو عمل قانوني ولا يحتاج إلى إذن من المجلس، وبشكل خاص في سياق النزاع السوري لثلاثة أسباب رئيسة، أولها أن التدخل المحظور هو التدخل القسري (ليس بالضرورة أن يكون عسكرياً، أي تدخل قسري هو محظور)، ولا تعتقد الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنَّ إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية عبارة عن تدخل قسري، إنَّ عمال الإغاثة الأمميين غيرُ مسلحين، وحياديون.
أمّا السبب الثاني فهو أن المساعدات الإنسانية تمرُّ من تركيا أو العراق، وكلتا الدولتين موافقتان على دخول المساعدات، إلى مناطق خاضعة لسيطرة قوات المعارضة المسلحة أو قوات سوريا الديمقراطية، والقوى المسيطرة ترحِّب بدخول المساعدات، فهي مساعدات إنسانية مقدمة لمناطق تضمُّ ملايين المشردين قسرياً، وبالتالي ليست تعدياً على السلامة الإقليمية، كما أنها تتم بموافقة السلطات المسيطرة فهي ليست تدخلاً قسرياً. وكان السبب الأخير هو أن الضرورة هي الأمر الأساسي للسَّعي نحو المساعدات الإنسانية، وفي شمال سوريا الضرورة أشد ما تكون.
ولفت التقرير إلى أن مجلس الأمن الدولي قام بتسييس مسألة إنسانية بحتة، وطرحها للتصويت في المجلس بوجود روسيا الداعمة للنظام السوري عسكرياً وسياسياً والتي تملك حق النقض، ما منحها فرصة لجعل موضوع المساعدات ورقة تفاوض وضغط لتحقيق مكاسب سياسية لها، سواء بما يتعلق في سوريا أو لاستخدامها في ملفات دولية أخرى.
واستخدمت روسيا الفيتو 4 مرات لتقلّص من خلاله المعابر الحدودية التي تدخل عبرها المساعدات الإنسانية، من أربعة معابر هي؛ معبر الرمثا واليعربية وباب السلام وباب الهوى، إلى اثنين هما باب السلام وباب الهوى فقط، والتمديد كان لمدة ستة أشهر فقط، ثم إلى معبر وحيد (باب الهوى)، وعند التجديد التالي للقرار نجحت روسيا بإدخال مفهوم المساعدات عبر خطوط التماس، والمقصود بها القادمة من مناطق النظام السوري نحو الشمال السوري تمهيداً لإغلاق المعبر الحدودي الوحيد، وفق ما أقره القرار 2585 (تموز/ 2021) والذي اشتمل لأول مرة على مفهوم تحسين أساليب إيصال المساعدات الإنسانية داخل سوريا ومشاريع الإنعاش المبكر.
ووفقاً للتقرير، فإن روسيا لم تكتفِ بتقليص فعالية قرار مجلس الأمن المتعلق بإدخال المساعدات عبر الحدود وحصره بمعبر وحيد، بل هدد المسؤولون الروس في العديد من المناسبات بإغلاقه وإلغاء الآلية بشكل نهائي.
كما رصد التقرير عبور عشر قوافل فقط من القوافل التي عبرت من مناطق سيطرة النظام السوري إلى شمال غربي سوريا ضمن إطار تطبيق القرار 2585، خمسٌ منها قبل صدور قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2642 (12/ تموز/ 2022) وخمسٌ بعد صدور القرار.
وأضاف أن القافلتين الثالثة والرابعة اللتان دخلتا في شهري تشرين الأول والثاني المنصرمين وشملتا قرابة 34 شاحنة فقط، مقابل قرابة 1377 شاحنة للمساعدات الأممية العابرة للحدود، دخلت عبر الحدود إلى سوريا في الشهرين ذاتهما، تظهر أنَّ المساعدات القادمة من مناطق النظام، لا تشكل نسبة تذكر (أقل من 2.5 بالمئة) من إجمالي المساعدات العابرة للحدود، ما يؤكد عدم جدية النظام السوري في الوفاء بالتزاماته وجعل هذه المساعدات بديلاً مكافئاً للمساعدات التي كانت تصل إلى المنطقة عبر الحدود.
وخلص التقرير إلى أنه لا يمكن لروسيا التذرع بمفهوم السيادة وموافقة نظام الأسد؛ لأنه المتسبب الرئيس في تشريد ملايين النازحين، ولا يكترث بوصول المساعدات الأممية إليهم. وأكد أن جميع المدنيين في حالات النزاعات المسلحة يجب أن يتمكنوا من الحصول على جميع المساعدات الضرورية، وفقاً للقانون الدولي العرفي.
وأوصى التقرير مجلس الأمن برفع يده عن التحكم بدخول المساعدات الأممية العابرة للحدود، فهي تدخل ضمن نطاق الجمعية العامة للأمم المتحدة ومنظمة الشؤون الإنسانية، والتوقف التام عن استخدام "الفيتو" بشكل معارض للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصةً في حالات ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية مثل جريمة التشريد القسري.
كما دعا منظمةَ الشؤون الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر للعودة إلى إدخال المساعدات عبر معبر اليعربية وباب السلامة في أسرع وقت ممكن، وعدم الرضوخ لابتزاز نظام الأسد، وفضح عمليات سرقة المساعدات والتحكم بها، وإلى غير ذلك من توصيات إضافية.