رأي

انتخابات الأسد: إيران لا تقبل بديلاً عنه.. وروسيا تُبازر على رأسه

الجمعة, 28 مايو - 2021

الطريق  - غداف راجح

على أكوامٍ من الجماجم؛ جرت الانتخابات الرئاسية كما هو مُخططٌ لها، وفي شوارع دوما المُختنقة بغاز السارين انتخب الأسد ونصّب نفسه ملكاً للموت، وكأنَّ شيئاً لم يحدث في البلاد، ولا ضربتها حربٌ مُدمِّرة أتت على الأخضر واليابس فيها.

 لكن، كيف تنظر إيران وروسيا إلى تلك الانتخابات، وهل تطابقت مواقفهما إزاءها؟

موقف إيران من الانتخابات الرئاسيةالسورية

 رُبّما كان واضحاً ولا يرقى إلى التأويل، أنَّ إيران مع إجراء الانتخابات، ولن تقبل حتى من الأسد نفسه أو من روسيا تأجيلها، فبقاء الأسد بالنسبة لها مسألة حياةٍ أو موت، وهو ما أكّده رئيس "مركز عمّار الاستراتيجي" مهدي طائب، الذي قال: إنّ سوريا بالنسبة للنظام الإيراني أهم من محافظة الأهواز الغنيّة بالنفط والغاز، مؤكداً أنَّ إيران لو فقدت الأهواز واحتفظت بسوريا فبإمكانها أن تستعيدها، لكنها لو خسرت سوريا فلن تستطيع أن تحتفظ بطهران.

كما أنَّ إيران التي تُفاوض العالم على برنامجها النووي، تُفاوضه أيضاً على وجودها الإقليمي. وعلى هذا الأساس فإجراء تلك الانتخابات يُعدُّ كرتاً بيد طهران أمام المجتمع الدولي الذي تُفاوضه للحصول على أكبر قدرٍ من المكاسب.

تحتاج طهران بقاء الأسد في السلطة لفترة قادمة –من الأرجح أنها لن تكتمل- لبسط نفوذها في سوريا، وإن هي أُجبِرت على الخروج من سوريا، فستخلّف ميليشيات طائفيّة، ومجتمعاً طائفياً مخترقاً.

اقتصادياً: بعد كل ما أنفقه النظام الإيراني في سوريا؛ لن تقبل إيران بإجراء انتخابات رئاسية حرّة ونزيهة أو تحت إشرافٍ أُممي، فهي ترى أنّ أيّ شخص سيحكم سوريا حتى لو كان من داخل النظام، لن يكون بمرونة الأسد الذي سلّمهم البلاد على طبقٍ من فضّة في سبيل البقاء في الحكم، وحمته إيران بالمقابل من السقوط من خلال تدخلها المباشر وزجّها بميليشياتها في مواجهة الشعب السوري.

أمُّا الرّوس؛ فدوافعهم "الخجولة" لإجراء تلك الانتخابات تختلف كُليّاً عن نظرائهم الإيرانيين، فهم لا يجدون في الأسد أو انتخاباته إلّا ورقةً تفاوضيّة، ويعلمون جيداً أنّ أيّ حكومةٍ أو رئيس أو نظام سياسي سيحكم سوريا سيُحافظ ولو إلى حين على مصالحهم في سوريا، كما أنَّ موسكو لم تنفق كثيراً من الأموال في سوريا، بل على العكس كان تدخلُّها مفيداً لها اقتصادياً على صعيد بيع الأسلحة التي جرّبتها في سوريا، ثمَّ إنّ موسكو ليس لها هدف إيديولوجي عقائدي في سوريا، ولا هدف لها في تغيير التركيبة السكانية للسوريين.

أكثر من ذلك، خرج سفير المهمات الخاصة بالخارجية الروسية ،فلاديمير تشوروف، لينتقد التصريحات الغربيّة بشأن الانتخابات في سوريا من جهة، ومن جهةٍ أخرى ليؤكد أنّ تلك الانتخابات غير شرعية، حيث يقول تشوروف، كما تنقل عنه قناة روسيا اليوم: "المعايير الدولية، تقضي بأن تكون الانتخابات شاملة ومتساوية الظروف وسرية ومباشرة، وأن تجري خلال فترات زمنية معقولة"، حيث يُعتبر هذا التصريح بمثابة رسالة للنظام السوري وللدول الغربية في آنٍ معاً، وعلانيةً يضع نظام الأسد للبازار الدولي. وكانت موسكو قد حاولت، في زيارات مكوكيّة إلى بعض الدول الإقليمية، التفاوضَ على تأجيل الانتخابات أو تغيير آلياتها، غير أنّها عادت بخُفَّي حُنيْن من تلك الجولة، ورأت في إجراء تلك الانتخابات ردّاً على الرّفض العربي لإجرائها.

إذاً، لا ريب من أنّ كلتا الدولتين أيَّدتا تلك الانتخابات الهزلية، غير أنّ لكلٍّ منهما دوافعها الخاصة واستراتيجياتها التي تسعى لتحقيقها، غير أنّ الاتفاق المؤقت لن يستمر إلى الأبد؛ وسيتغيّر مع أيِّ توافقٍ دولي من شأنه تغيير معطيات هذه المعادلة.