الطريق- فراس علاوي
ازدادت وتيرة الحراك الدبلوماسي مؤخراً، وكأن المنطقة في سباق محموم لترتيب أوضاعها، وذلك قبيل الزيارة الأولى للرئيس الأمريكي جو بايدن للشرق الأوسط بين ١٣ و١٦ تموز القادم، والتي سيزور فيها إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية ومن ثم يحضر اجتماعاً خليجياً دعيت له مصر والأردن والعراق.
ثلاثة محاور بدأت تتشكل وفق الحراك الدبلوماسي الظاهر.
الأول بدأ مع اجتماع النقب والذي تم بحضور عدد من الدول العربية التي أعلنت عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وبالتالي بداية تنسيق عربي إسرائيلي موجه للتمدد الإيراني في المنطقة، تم تأكيده من خلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت لأبو ظبي مطلع الشهر الحالي، وقيام إسرائيل بنشر منظومات دفاع جوي في البحرين والإمارات، ما يؤشر لمحور مضاد لإيران في المنطقة.
المحور الآخر والذي تحدث عنه صراحة الملك الأردني عبدالله الثاني بما أسماه الناتو العربي واحتمالية تشكيله، وهنا لم تأت كلمة ناتو عربي اعتباطية بل لتمييزها عن المحور الذي باتت ملامحه واضحة بمشاركة إسرائيل.
المحور الثالث بقيادة المملكة العربية السعودية ومشاركة مصر والأردن، والذي بدا واضحاً خلال الزيارة الاستكشافية التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لكل من مصر والأردن، واستكمال زيارته لأنقرة ولقائه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في محاولة لاستكشاف الموقف التركي مما يحدث واستباقاً لزيارة بايدن للمنطقة، إذ تحاول الرياض الإمساك بأوراق الدبلوماسية بالمنطقة وبالتالي التحضير لقمة الرياض المقبلة بموقف موحد يستفيد من المتغيرات الدولية المطروحة على الساحة والتي أفرزتها الحرب الروسية الأوكرانية.
وفي هذا النطاق، تأتي زيارة الملك عبدالله الثاني إلى أبو ظبي؛ إذ ستكون الأردن رأس حربة في حال حدوث أي صدام في المنطقة، وسيكون أمنها القومي على المحك لذلك لابد من تنسيق عالي المستوى،
كذلك تأتي زيارة أمير قطر والتي وجدت نفسها خارج المشهد الإقليمي العربي، للقاهرة التي تشترط وقف دعم الدوحة لجماعة الإخوان من أجل زيادة التنسيق والتعاون، فيما تمتلك قطر ورقة الاقتصاد، تحاول قطر تهدئة الأوضاع المتوترة وخاصة الأمنية؛ خوفاً من اشتعال المنطقة قبيل انطلاق فعاليات كأس العالم والتي كلفت قطر كثيراً، وبالتالي فإن أي مخاطر أمنية ستهدد إقامة البطولة وهو ماتخشاه الدوحة.
بالمقابل فإن إيران المستهدفة بهذا الحراك مع الجمود الحاصل بمباحثات الملف النووي، بدأت حراكاً مضاداً وعلى أكثر من صعيد، بدأته باستدعاء بشار الأسد إلى طهران من أجل لملمة مايسمى بمحور المقاومة، وهو ما أثمر عن عودة حماس إلى دمشق وفق قياديين في الحركة، وزيارة إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة إلى لبنان ولقائه بحسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني، ما يعطي انطباعاً بأن تنسيقاً ما بإشراف إيراني يتم التحضير له.
كذلك شهدت العاصمة الإيرانية طهران زيارات لرؤساء دول ومسؤولين من دول تعتبر مناهضة للولايات المتحدة الأمريكية، كان آخرها زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لطهران وهو مايعتبر استفزازاً لواشنطن.
بالمقابل فعلت طهران خطاً موازياً للتهدئة يتمثل بتقديم تنازلات لمسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، السبت ٢٥ حزيران الجاري، والذي اكد أن المحادثات النووية مع إيران ستستأنف في الأيام المقبلة، وذلك خلال لقاء جمعه بوزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان في العاصمة طهران.
كما شهدت المنطقة زيارة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى الرياض، فيما اعتبر وساطة عراقية بين طهران والرياض والتي أعقبت انتكاسة الحوار الذي كان بينهما في العاصمة العراقية بغداد، والذي قيل إنه ستتبعها زيارة للكاظمي إلى طهران، وبالتالي فإن طهران تركت الباب موارباً لتقديم تنازلات من نوع ما، بانتظار ما ستؤول إليه المباحثات الأمريكية العربية والأمريكية الإسرائيلية خلال زيارة بايدن المقبلة، والتي تنبئ بصيف حار في المنطقة قد يكون له انعكاسات خطيرة على التداخلات الدولية في المنطقة وبالوقت ذاته تغير التحالفات داخلها.