رأي

عودة معاذ الخطيب من بوابة اللجنة الدستورية

الخميس, 23 سبتمبر - 2021
كان رد الخطيب على البحرة قاسياً
كان رد الخطيب على البحرة قاسياً

الطريق-درويش خليفة

 

أثارت الزيارة الأخيرة التي قام بها المبعوث الأممي غير بيدرسن إلى دمشق، موجةً من التساؤلات حول مخرجاتها ونتائج لقاءته هناك، وما إذا كانت اللجنة الدستورية ستمضي في عملها، بعد انتهاء أعمال الجولة الأخيرة في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي التي حضرتها الوفود الثلاثة؛ النظام والمعارضة ووفد المجتمع المدني في جنيف، دون إحراز أيّ تقدم يُذكر بهذا الملف أو بعمل لجنة "مناقشة الدستور" على النحو الذي وصفها رأس النظام بشار الأسد في خطاب القسم عقب "الانتخابات الرئاسية" في سوريا.

لم تهدأ المناوشات المتبادلة بين الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض السيد معاذ الخطيب والرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة السيد هادي البحرة، بعد وصف الخطيب اللجنةَ الدستورية بـ "السم الناقع" مشيراً إلى أنها عديمة الجدوى والأهمية، بعد أنَّ حقق النظام مراده باستنفاد الوقت خلال الجولات الخمس الماضية، غير أنَّ الخطيب أكد أنَّ مصادره الخاصة أوصلته لحقيقة ما نقله بيدرسن للائتلاف؛ "إنه لا حلَّ سياسيّاً في سوريا". ناسفاً بذلك اللجنة الدستورية وإمكانية تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية.

وعلى الرغم من تمسك وفد المعارضة بمقولة إنَّ النظام فاقد شرعيته وغير قابل للإصلاح والمشاركة معه في مستقبل سوريا، إلا أنهم يعتبرون استمرارهم ومواصلة أعمالهم نافذة لإظهار دور النظام كمعطل لعمل اللجنة التي تُعد إحدى بنود القرار الدولي 2254/2015 والذي بات خارطة الطريق الوحيدة للحل السياسيّ في سوريا.

لكن كل تلك الهَجَمات التي شنها الخطيب لم تكن مفيدة لجمهور المعارضة، رغم اقتناعهم بعدمية عمل اللجنة الدستورية، بناءً على متابعة الجولات الخمس الماضية، وبموجب إضاعة وفد النظام للوقت تحقيقاً لمبتغى قادته في دمشق، وهي لحظة إعلان تمديد الأسد لنفسه لولاية رابعة بمسمَّى أكثر حداثة يُعبر عن شرعية حكمه "الانتخابات الرئاسية".

وجاءت ادعاءات الخطيب بأنّ السيد بيدرسن طلب إبعاد الهواتف النقالة من الاجتماع، عقب لقاء الأخير مع الائتلاف المعارض في إسطنبول التركية، الأمر الذي أثار حفيظة هادي البحرة بالرد على الخطيب ونفي كل ما ذكره، بل وأشاد بكلام المبعوث الأممي، قائلاً: " تحدث بيدرسن بكلِّ موضوعية أنًّ الأمن والاستقرار لا يمكن تحقيقهما سوى بتنفيذ القرار الدولي 2254  ".

كان رد الخطيب على البحرة قاسياً، عندما ذكر على صفحته في منصة الفيس بوك " من يغير الحقائق غبي أو يتلقى أوامره من سفارة النظام في جنيف، اللّهمَّ قد بلغت". 

ولكي نكون منصفين؛ هناك الكثير ممّن أيدوا كلام الشيخ معاذ، بمن فيهم من يختلفون معه أو تباينوا معه في مواقف سابقة، كما أنَّ البعض منهم تبادل التعليقات معه بكلمات تحمل الثناء على منشوره وإلقاء اللوم على المعارضة الرسمية.

وبمقابل ذلك، في الغرف المغلقة، ثمَّة من يسأل عن سبب ظهور الخطيب في هذه الأوقات وما إذا كان يبحث عن دور سياسي، كالذي مارسه في رئاسة الائتلاف أو تمثيله للشعب السوري في قمة الدوحة باجتماع الجامعة العربية في مارس/آذار عام 2013، والبعض الآخر اعتبر منشور الخطيب فرصة لمداعبة مشاعر اليائس لدى عموم السوريين ممّا يجري حولهم في ظل تراخي المعارضة واستمرار إجرام النظام.

من الواضح أنه يوجد سوء فهم للواقع من قبل متصدري المشهد السياسي لانتفاضة الشعب السوري، الأمر الذي يقتضي مراجعته مراراً وتكراراً؛ لأنه يعبر عن مصالح نخبوية بعيدة عن مصلحة الطبقات المجتمعية التي حركتها عوامل عديدة؛ معيشية وسياسية، مع الحفاظ على المطلب الحق وهو الانتقال الديمقراطي والعدالة الاجتماعية.

كان يجدر بالمعارضة مخاطبة السوريين والعمل على قرار شعبي قبل التوجه إلى الحلفاء والحفاظ على مصالحهم في حال رحيل النظام، وهو ما لم تؤكده الاتفاقات والقرارات الدولية المتعلقة بالشأن السوري حتى الآن.

وعليه، يتراءى لي أنَّ وضع المعارضة مؤسف نتيجة الخلافات والتناقضات والصراعات على التمثيل واحتكاره لفئات تعمل لمصالحها الضيقة، متجاهلةً المطالب الحقة للثورة وأبنائها.