رأي

هل يُخرج تفاؤل "بيدرسن" السوريين من يأسهم وبؤس معيشتهم؟

الثلاثاء, 14 سبتمبر - 2021
يبدو أن صفحة اللجنة الدستورية لن تطوى قريباً
يبدو أن صفحة اللجنة الدستورية لن تطوى قريباً

الطريق- درويش خليفة

 

تزامنت زيارة المبعوث الأممي إلى سوريا "غير بيدرسن" خلال زيارته دمشق، مع الذكرى الـ 28 لاتفاقية أوسلو التي جمعت الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث كان لبلاده النرويج الدور الفاعل في ترتيب تلك الاتفاقية، حينما أُسندت المهمة لنائب وزير الخارجية النرويجي وقتئذ "يان إيغلاند" وهو في الـ 36 من عمره.

وتتحدث مذكرات إيغلاند عن معاملته لكلا الطرفين بالاحترام والسوية الدبلوماسية نفسهما، وكما يقول: " أحضرناهم على متن السيارات نفسِها من المطار، وجلسوا على طاولة واحدة وحظوا بالاهتمام ذاته". وتشير المذكرات أنَّ إيغلاند تحمل مسؤولية المصروفات المالية عن المحادثات. وأكمل أنَّ الجانبين "تعرفوا على بعضهم ولاحظنا بأنهم بدؤوا ببطء ينسجمون مع بعضهم البعض". في إطار استراتيجية "خطوة بخطوة" التي يفكر بيدرسن باتباعها في أعمال جلسات اللجنة الدستورية السورية.

الغريب في الأمر، أنَّ المبعوث الدولي إلى سوريا الذي يحمل الجنسية النرويجية مع إيغلاند الذي عمل على اتفاق أوسلو (الفلسطيني/ الإسرائيلي) من الخطوط الخلفية، لا يتعامل مع طرفي اللجنة الدستورية السورية بنفس السوية والتساوي، مع العلم أنَّ النظام قبل أسابيع قليلة رفض استقباله في دمشق، لكن بالمقابل وفي الفترة ذاتها استقبل ستة من وزراء حكومة النظام وكيلَ الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "مارتن غريفيث" في العاصمة السورية، الأمر الذي يشير إلى اهتمام النظام بالاستحواذ على المساعدات الأممية وأموال الدعم المخصصة للسوريين على حساب الحل السياسي المشار إليه في القرار الدولي 2254.

باعتقادي، رفض النظام يحمل في طياته أموراً أخرى، لم يفصح عنها ولو أنها واضحة بسبب لقاءٍ افتراضي جمع بيدرسن مع نشطاء من حوران أثناء الحملة العسكرية للنظام على درعا البلد.

تفاؤل المبعوث الدولي المفرط، وهو يصف محادثاته مع وزير خارجية النظام فيصل المقداد بالناجحة، لا ينعكس على مجريات الأحداث ميدانياً، والتي يفترض أنها تؤثر بشكل مباشر؛ لأنَّ الميدان كفيل بتحديد مدى استمرار عمل اللجنة الدستورية من عدمها، خصوصاً بعد تهديد رئيس الائتلاف سالم المسلط في منصة تويتر، بوقف انخراط الائتلاف في أي عملية سياسية ما لم يتوقف النظام والمليشيات المساندة له عن حملته العسكرية على أحياء درعا البلد قبل أيام من الآن.

تدل كلمات بيدرسن في المؤتمر الصحفي الذي أعقب محادثاته مع فيصل المقداد إلى أنه قدم إغراءات لوفد النظام لإقناعهم بحضور الجولة السادسة، حيث ركز في حديثه على الجوانب الإنسانية التي تعترض حياة السوريين وكيفية معالجتها. وكأنه مسؤول عن الملف الإنساني وليس ميسراً لتنفيذ القرار الدولي ( 2015/2254 ) !.

بشكل واضح، ومن خلال الشروط التي وضعها وزير خارجية النظام قبل استقباله بيدرسن، أنَّ التعطيل والمماطلة سيكونان سمة المرحلة القادمة من عمل اللجنة الدستورية، مستنداً المقداد إلى خطاب القسم بعد انتخابات الأسد الرئاسية، عندما تطرق الأخير إلى عمل اللجنة الدستورية، قائلاً: لا يمكن أن يكون هناك حوار في لجنة مناقشة الدستور من دون أن يكون سورياً / سورياً، وبرعاية سورية.

من جهته، حمَّل الرئيس المشترك للجنة الدستورية عن المعارضة، هادي البحرة، السيد بيدرسن مجموعة من المطالب لمناقشتها مع الطرف الآخر، من ضمنِها تمديد الجلسات الصباحية والمسائية لمدة ساعة في اليوم وزيادة مدة الجولة إلى ثلاثة أسابيع بدلاً من أسبوع واحد حسب العرف المتبع في الجولات الخمس السابقة.

يبدو أنَّ صفحة اللجنة الدستورية لن تُطوى، حتى تفتح أخرى يتخللها التعقيد نفسه، طالما أنَّ الأسرة الدولية مازالت تتعامل بتراخٍ مع سلوك النظام اللامبالي، مراعاةً لداعميه الإيرانيين والروس معاً، وهذا ما يبقي اليأس ملازماً للسوريين في رحلة الخلاص والعودة إلى حياتهم الطبيعية.