رأي

فيكتوري الائتلاف يضع "الحريري" بمأزق قانوني

الاثنين, 12 يوليو - 2021
على الائتلاف البحث عن آليات وأدوات عمل جديدة
على الائتلاف البحث عن آليات وأدوات عمل جديدة

الطريق- درويش خليفة


أليس من الغرابة الشديدة أن يقوم رئيس الائتلاف السوري المعارض نصر الحريري بنشر وثائق تدين النظام على جرائمه بحق المتظاهرين في مدينة حمص، وكأنه بذلك يلعب دور المنظمات الحقوقية التي وثقت ومازالت تعمل على الملف منذ ذاك الحين. 

هناك من قال إن الوثائق التي يزعم الحريري حيازتها نُشرت من ذي قبل، على وسائل التواصل الاجتماعي، وليست حكراً على الائتلاف كما يدعي رئيسه. هذا عدا عن تسمية الملف "فيكتوري" (نصر في اللغة الإنكليزية)، نسبةً لرئيس الائتلاف نصر الحريري.

وجهة حقوقية أخرى، تحدثت عن العمل على مقاضاة الحريري لو كانت هناك محاكم وطنية في المناطق المحررة، بسبب تسريبه وثائق مشفى حمص؛ لأنَّ هذا التصرف يُعد من المحرمات في العمل الحقوقي ولا سيما أنَّ الوثائق دليلٌ على إثبات جريمة، والمكان الطبيعي لتقديم الأدلة هو المحاكم، وفي مراحل لاحقة الادعاء وقبوله. والمؤتمرات الصحفية ليست مكاناً تُطرح من خلاله الوثائق لعامة الناس، خصوصاً أنَّ الأدلة مازالت عند النظام وفروعه الأمنية وبإمكانهم إزالتها في أي وقت.

واحد من أعضاء فريق توثيق أحداث الثورة السورية، وهو الحقوقي أحمد الموسى، قال في تدوينة على صفحته على موقع "فيسبوك": "كان حرياً برئيس الائتلاف نصر الحريري، أن يتحفظ على المعلومات ويقوم بطلب لقاء مع المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، ويضع الملف في عهدته، أو التواصل مع محاميين دوليين لدراسة الملف وتحريك شكاوى أمام المحاكم الوطنية في الدول الأوروبية، استناداً إلى مبدأ الولاية العالمية بالنسبة للجرائم ضدَّ الإنسانية". 

الموسى حمل الحريري مسؤولية نشر المعلومات ورفع السرية عنها، معتبراً أن هذا التصرف بمثابة متاجرة سياسية رخيصة، وبأن الشاهد الوحيد على جرائم النظام في مشفى حمص، قام بتقديم شهادته للجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا منذ حزيران من العام الماضي، عن طريق المحامي أحمد الموسى بصفته متعاوناً مع اللجنة.

أشار الحريري، خلال مؤتمره الصحفي إلى تفاصيل يقول فيها إن شخصاً كان شاهداً على حالات التصفية ويعمل في نقل الجثث، قد نقلها له. وبالتالي التفاصيل المذكورة تستند على وثائق وكلام الراوي معاً؛ لأنَّ الأرقام والأعداد المذكورة في المستند الذي وزعه الائتلاف بعد نهاية المؤتمر على الصحافيين تتحدث عن أدق التفاصيل، بما فيها طريقة التعذيب والقتل بأساليب يعلمها معظم السوريين عن النظام في تعامله مع مناهضي حكمه.

وتطرق الملف الذي نشره الائتلاف، في صفحته الـ 15 إلى تورط جهات عدة تتبع لنظام الأسد في المجزرة المشار إليها في وثائق "فيكتوري"، منها: الأمن والجيش والشبيحة، مشافي وزارة الصحة، الطب الشرعي، المشافي العسكرية، القضاء/الإفتاء، العاملون في الدفن الجماعي، المحافظ. مع ذكره أسماء الضباط والأطباء الذين وقعوا على الوثائق الصادرة عام 2012 في الصفحة 19، وبمجموع ضحايا يقارب عددهم ال 5000 ضحية.

المستندات المقدمة، بالإضافة إلى معرفة السوريين بجرائم النظام، تضع على عاتق الائتلاف البحث عن آليات وأدوات عمل جديدة تساهم في سوق أزلام النظام الذين أوغلوا بدماء السوريين إلى المحاكم الدولية، والضغط على حلفاء النظام-وشركاء الائتلاف في مسار أستانا من الروس للإفراج عن المعتقلين، بعد أن نقلت المعارضة ملف المعتقلين من قرار مجلس الأمن 2254 في فقرته 12 إلى جولات أستانا، ظنَّاً منها أنه المسار العملي لفك لغز الحل السياسي السوري.

مرة أخرى، يجب أن يضع الائتلاف في خياراته الاستراتيجية ملف المعتقلين وانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا من جنوبها إلى شرقها، ولكن على أساس تقارير حقوقية، وليس كما فعل الحريري بتقديمه الملف عن مؤسسة سياسية تمثل الثورة السورية بحسب التفويض الدولي لها.

ولتوظيف ذلك على صعيد قضية السوريين، لا بدَّ من إنتاج أدوات وتكتيكات جديدة وإدراك التحولات الإقليمية والدولية لإجراء جراحة تجميلية على المسار العام، أقلها رحيل بشار الأسد والدائرة المحيطة به.