رأي

الخصوصية السورية المخترقة..المالح-زيتونة

الخميس, 24 يونيو - 2021
لم يُخفِ المالح إعجابه بنفسه وبتاريخه النضالي
لم يُخفِ المالح إعجابه بنفسه وبتاريخه النضالي

الشعور بالأزمة يرافق السوريين في حَلِّهم وتَرْحَالِهم، قبل ثورة آذار 2011 عايش معظمهم أزمات الشعور بالظلم والقهر، والحرمان من الحرية والتعبير عن الرأي، وفقدان العدالة الاجتماعية، وأمور عدَّة لا تخفى على أحد.

في الوقت الحالي، على الأقل، يواجهون أزمات من جوانب أخرى، كانتهاك الخصوصية؛ البعض يعتبر كلامه يصدر من مبدأ الشفافية والسرد التاريخي لاغير، والبعض الآخر يستغل حالة الخصومة والاستقطاب السياسي.

وفي الحديث الأخير للمحامي هيثم المالح، عن الثائرة الحقوقية رزان زيتونة، تم تفسير كلامه ضمن إطار التعدي والإزعاج وخرق الخصوصية والتشهير.

المالح-زيتونة.. صراع أجيال تطمح إلى التحول الديمقراطي

شيخ الحقوقيين السوريين "هيثم المالح"، وخلال لقائه على تلفزيون سوريا (إسطنبول) في برنامج الذاكرة السياسية، وقع في فخ أسئلة المذيع شعبان عبود، حيث كان يغريه الأخير بالإفصاح عن خصوصيات تخص المحامية المتدربة في مكتبه "رزان زيتونة" المختطفة منذ عام 2013 في مدينة دوما بالغوطة الشرقية.

المالح، قام بتفصيل حياة رزان المهنية وكأنَّه جالس أمام صديق مشترك بينهما وليس أمام كاميرا تلفزيونية في حديث عن الشأن العام، حيث المتابعة من مئات آلاف المشاهدين!

كيف يتم استهداف شخصية بحجم المفقودة رزان زيتونة، وهي التي تحدث عنها السفير الأمريكي الأسبق في دمشق «روبرت فورد» بـ مقالٍ له قبل أقل من عام.

يشير لقاء السيد المالح، إلى أنَّ صراع الأجيال ومطالبهم يختلف من جيلٍ لآخر، حتى وإن كان الموضوع في إطار الشأن العام السوري وفي كيفية استخدام أدوات الضغط من أجل التحول الديمقراطي في بلد يحكمه مزيج من الأوتوقراطية-الطائفية.

البعض من السوريين اعتبر كلام المالح توصيفاً لخلفية "رزان" الفكرية، ولا يحمل أي إساءة طالما أنَّ الحديث لم يتهمها في إخلاصها لقضيتها الوطنية.

أعترفُ بثقل الكتابة في هذا الموضوع، وأنا أتناول شخصيتين إحداهما نال النظام من عمره وتاريخه الكثير (المالح)، وشخصية أخرى تمثل تطلعات الشباب السوري المنادي بالحرية والدولة العصرية الديمقراطية، وهي رازن زيتونة، المختطفة مع أحلامها منذ 8 أعوام، إلى جانب زوجها وائل حمادة، وناظم حمادة وسميرة خليل.

لم يُخفِ المالح إعجابه بنفسه وبتاريخه النضالي، عندما ذكر في مرات عدة، بأنه شيخ الحقوقيين ومختار سوريا، وأنه المرجع لتاريخ سوريا السياسي ما بعد الاستقلال، وأنَّ الدول الغربية تنظر إليه كشخصية عامة، ممتدحاً تعامل الأوروبيين معه، في الوقت الذي تجاهلته الدول العربية والإسلامية، مؤكدا أنَّ الرئيس الفرنسي الأسبق «جاك شيراك» طلب من بشار الأسد عدم التعرض له وللمناضل رياض الترك.

ولكنَّ الأسد لا يهتم لهذه التوصيات الغربية، حتى وإن أتت في أشد اللحظات العصيبة؛ بسبب نرجسيته المتعاظمة.

في مقالته الأخيرة على موقع "الرسالة بوست" ردَّ المالح على من تقصد الإساءة إليه، عقب لقائه المتلفز، الذين تناولوا شخصه بأقذع العبارات ولا سيما الذين يحسبون أنفسهم على المعارضة السورية "بحسب وصفه"؛ من المفارقة في هذه الحملة أن أحدهم ممَّن ينتمي لأحد مراكز البحوث في إسطنبول قال عنِّي “إنني لا أصلح لأكثر من محام مبتدئ!” فبئس ما قال وبئس ما تقيَّأ. (الكلام للمالح).

في الحالة السورية الفريدة، الكل يترقب كلمة من هنا أو هناك، ولا سيَّما إذا كانت خارجة من فم خصمه السياسي، وما أكثر الخصوم بين صفوف المعارضة السياسية!

ومن خلال تصريحات المالح الأخيرة، عادت الاصطفافات السوريالية، بين التيار الليبرالي الذي يرى من رزان زيتونة أيقونة لحراكهم الشعبي السلمي، والتيار المحافظ المدافع عن المالح، رغم عدم معرفته الدقيقة بكلِّ ما ورد في حديث السيد هيثم المالح؛ فما بين المعارضة التقليدية والثورية التحررية أيضاً ما صنعه الحداد.

ختاماً، لابدَّ من التأكيد على أنَّ النقاش العام، فرصة للسوريين ليتعرفوا إلى بعضهم البعض، ولإرساء خطاب سوري عقلاني، بعيداً عن الاستقطاب الحاصل بين قوى المجتمع والتيارات السياسية، في لحظة نسيان للهدف العام الذي هو مطلب معظم السوريين: "الشعب يريد إسقاط النظام".