رأي

الانتخابات السورية آخر أوراق حلفاء النظام

الأحد, 30 مايو - 2021

الطريق -  درويش خليفة

"عند تمييز العلاقة ما بين المؤسسات ومرونة الحكم التسلطي في سورية، لا ينبغي الخلط في النقاش حول استمرارية التسلطية مع النقاش حول المشروعية السياسية، ولكن من الممكن أن بشار قد خطّط، حتى الوقت الحاضر، لكيفية حلّ مسألة الحفاظ على حياة النظام، لكنه لم يكن ناجحاً في التغلب على مشكلة المشروعية أكثر ممَّا كان والده..."

(كتاب التسلطية في سورية- صراع المجتمع والدولة- ستيفن هايدمان- ص27).

في لعبة الأمم بإمكان الدول الكبرى استخدام كل الوسائل المتاحة لإضعاف خصومها، وهذا ما لاحظناه جلياً، إبَّان الحرب الباردة الأمريكية - الروسية، حيث كان للأفعال الإجرامية مبرراتها السياسية تحت بند حماية (الأمن القومي) مع الإقرار أنها مؤسفة، أو أنها أتت في لحظات انفعالية.

وعلى الرغم من عدم قناعتها بالانتخابات الرئاسية السورية التي جرت في 26 من الشهر الجاري إلَّا أنَّ الدبلوماسية الروسية ودول محور الشر، حسب التصنيف الأمريكي، أول من اعترفت وهنَّأت بشار الأسد على إعادة تدويره، في واقعة معروفة النتائج سلفاً للسوريين والمتابعين الشأنَ السوري.

وبالتالي، يقوم النظام وحلفاؤه بالضرب عُرضَ الحائط بكّل القرارات الدّوليّة، من خلال القفز وتجاوز القرار 2254، الذي ينص في فقرته الأولى على الانتقال السياسي، بيد أنَّ هذا التصرف سيكون له انعكاسات سلبية على السوريين جميعاً.

هذا ما يقودنا للحديث عن اليوم التالي للانتخابات، وماهي الاستراتيجية التي سيتبعها النظام لمواجهة العقوبات الغربية المفروضة عليه، بما فيها قانون قيصر، وكيفية تحصين بقائه في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها سوريا منذ عقدٍ مضى.

في القادم من الزمن لا أرى أنَّ النظام لديه ما يقدمه للسوريين في مناطق سيطرته، سوى المزيد من القمع، كيلا يسمع العالم أصواتهم وهم يموتون جوعاً وقهراً.

أكثر من ذلك؛ بالنسبة للدول الرافضة لانتخابات النظام، وعلى رأسها الدول الغربية (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، ألمانيا) فقد أعلنت في بيان مشترك عشية الانتخابات: يُعد بقاء الأسد على رأس السلطة مرحلياً، في ظل عدم الاتفاق على الصيغة النهائية للحل السياسي؛ ضماناً للسيطرة على الميلشيات المنفلتة والتي أصبح سلاحها يوازي سلاح الجيش السوري، وإرهابها لا يقل إجراماً عن أفرع النظام الأمنية.

الجدير بالذكر، أنَّ المبادرات التي قدمتها قوى ثورية- معارضة، ما بعد انتخابات الرئاسة السورية 2014 كان في أحد جوانبها عدم الوصول لهذه الانتخابات، ولكنها اصطدمت بغياب الإرادة الدولية والاستراتيجية الأمريكية المسمَّاة (توازن الضعف) اللتين لا تشاءان إنهاء الصراع في سوريا قبل إغراق جميع المتداخلين الإقليميين وروسيا في الوحل السوري.

وفي ظل تلك الظروف، دخلت الصين مؤخراً على خط الصراع السوري، من خلال تقديم مبالغ تساعد النظام على عدم الانهيار الكامل، بعد أن كان دورها مقتصراً على الفيتو المزدوج مع الروس في مجلس الأمن. بيد أنَّ مساعداتها لا تشكل فارقاً في قطاع غير منتج، بسبب كثرة المستفيدين من الرواتب والأجور من المتطوعين في قطاعات الجيش والأمن والدفاع الوطني "الشبيحة".

وعلى النقيض من ذلك، قد تشهد ضفتا نهر الفرات ظروفاً اقتصادية أفضل في الأشهر القادمة، عندما يحرر الرئيس الأمريكي «جو بايدن» المبلغ الذي قام سلفه «دونالد ترامب» بتجميده وهو مئتا مليون دولار، توزع حسب المعلومات المتوفرة: 125 مليون لمناطق سيطرة الإدارة الذاتية، والمبلغ المتبقي 75 مليون دولار في مناطق سيطرة المعارضة السورية.

ربَّما تعيد روسيا وإيران تدوير الأسد من خلال انتخاباته والاعتراف بها، ولكنهما لن تستطيعا إعادة مشروعيته المرتبطة بالتنمية والخدمات وعودة الأمن والسيادة الوطنية.