رأي

متحور دلتا والطيران الروسي يفتكان بالشمال السوري

الاثنين, 20 سبتمبر - 2021
المتحور "دلتا" ينتشر سريعاً في الشمال المحرر
المتحور "دلتا" ينتشر سريعاً في الشمال المحرر

الطريق- درويش خليفة


يتناوب الطيران الروسي وفيروس كورونا " المتحور دلتا" على حصد أرواح السوريين في الشمال الغربي والمناطق الحدودية مع تركيا.

وبالرغم من المناشدات التي وجهها وزير الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، مطالباً المنظمات الدولية وتلك التابعة للأمم المتحدة بالوفاء بالتزاماتها، إلا أنَّ الطفرة الجديدة للفيروس كانت شديدة الوطأة؛ إذا إنَّها تصيب الناس بسرعة تعادل ضعفَ قدرة المتحورات السابقة، وقد وصل انتشاره في 142 بلداً حول العالم.

ويعتبر المتحور "دلتا" شديد العدوى، وقد انتشر بهذه السرعة الفائقة في الشمال السوري بسبب الكثافة السكانية مقارنةً مع المساحة الجغرافية هناك، حيث يعيش  4.2 مليون شخص في مساحة ضيقة، معظمها أراضٍ زراعية.

ولعلَّ من المناسب الإضاءة على معاناة مناطق الشمال السوري الخارجة عن سيطرة النظام، من حيث نقص عدد المسحات الطبية والأوكسجين وعدد أسرَّة العناية المشددة وأجهزة التنفس الآلي، إلا أنَّ الحل الأمثل المتبقي أمام الناس هو الالتزام بالإجراءات والتدابير الوقائية.

وبحسب منظمة اليونيسف، تعتبر اللقاحات المعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية فعَّالة بدرجة كبيرة لمواجهة أعراض الفيروس، بما في ذلك "دلتا"، وعلى الرغم من عدم وجود لقاح فعال بنسبة 100 بالمئة، إلا أنَّ اللقاحات تعتبر خط الدفاع الأول، بالإضافة إلى النظافة والتعقيم والتباعد الاجتماعي.

والأمر هنا لا ينطبق فقط على المدنيين، بل حتى الفصائل المسلحة ينتشر بين أفرادها الفيروس وبشكل كبير؛ البعض منهم يعتقد أنَّ أعراض الفيروس مجرد إنفلونزا موسمية، وبأنَّ السوريين اعتادوا عليها في مرحلة تغير الفصول، لا سيَّما عند الانتقال إلى فصل الشتاء.

لكنَّ أخطر ما يتعلق بانتشار الوباء في شمال سوريا، هو الحفاظ على مداومة العادات الاجتماعية والسهرات العائلية دون احتراز، والمصافحة باليد دون تعقيم وقائي، ومن العادات الاجتماعية غير الصحية في ظل انتشار الفايروس أنَّ كثيراً من النساء يقبِّلنَ بعضهنَّ البعض عند اللقاءات العائلية، خاصةً أنَّ معظم هذه المناطق تعتبر ريفية ولا يزال الناس هناك يمارسون حياتهم بشكلٍ عفوي، دون الالتفات والحذر من الفيروس، ودون الإصغاء إلى نداءات المسؤولين في هذا القطاع الجغرافي، وخصوصاً مراكز الدفاع المدني.

ولا يخفى على أحد، أنَّ حالة اليأس التي يعيشها السوريون، تساهم إلى حدٍّ كبير في تجاهلهم للمخاطر والتحديات؛ بسبب ضيق الأفق في إيجاد حلول ناجعة لمأساتهم التي تجاوزت كل ما هو معقول منها، وهو ما يفسِّر سبب عدم إيلاء الناس اهتماماً بأخذ اللقاحات رغم توفرها، باستثناء المناطق التي شهدت عدة وَفَيَات، كما حصل في كفر تخاريم حيث توفي ثلاثة أشخاص في غضون ثلاثة أيام متتالية، فتنامت حالة القلق والخوف عند سكان المنطقة.

ويشير تقرير لموقع أورينت الإعلامي إلى أنَّ "الانتشار الجديد لفايروس كورونا تزامن مع انتهاء الدعم للعديد من مراكز العزل المجتمعي، الأمر الذي أدّى إلى إغلاق حوالي 10 مراكز خلال الشهورِ الثلاثةِ الأخيرة، ليبقى فقط 14 مركزَ عزلٍ، بإجماليِّ عددِ أسرّة بلغ حوالي 780، بالإضافة إلى المشافي العشرة بقدرةٍ استيعابية بلغت 360 سريراً، و 155 سريرَ عنايةٍ مشددة مع 140 جهاز تنفس آليّ فقط".

غير أنَّ الخبر المفرح في هذه المادة، يكمن في افتتاح مشفى الحرية بمدينة مارع شمال حلب لعلاج مرضى كوفيد-19. وبقدرة استيعابية للمشفى تضم 30 سريراً، معظمها مزود بأجهزة تنفس اصطناعي، إضافة إلى احتواء المشفى على مخبر وجهاز طبقي محوري وأجهزة أشعة.

ولكي لا نستهين بالجهود المبذولة من أيِّ شخص، لا بدَّ أن نثمِّنَ المتابعة الحثيثة من قبل جميع الفاعلين في القطاع الصحي والمنظمات المدنية ووسائل الإعلام، لتأمين ما يلزم  في مواجهة الوباء وتوعية الأهالي في الشمال السوري المحرَّر، بكلِّ السبل المتاحة، تبديداً للقلق الذي يرافق الأهالي هناك.